وأنا أستقبل ولدي الصغير الذي عاد للتو من قاعة الدرس، انتابني شعور دفين وزائد، مليء بحنان فياض اتجاه أطفالنا بالحوز الأليم.
شاهدنا مقاطع وصور تحمل في طياتها بأسا بليغا وأحاسيس جياشة، أطفال صغار في عمر الزهور وهبهم الله جمالا قل نظيره، فاحتضنتهم طبيعة جبلية وعرة، نلمس فيهم إرادة قوية وإيمان راسخ وروح وطنية عالية، تجدهم يبتسمون طول الوقت، يرحبون بالضيوف وكأن شيم الكرم غرست في دمهم، يحكون مأسيهم وما حفظته ذاكرتهم الصغيرة من أحزان فراق الأهل والأحباب والإخوة والأعمام، فراق الأب والأم والأصدقاء… كل شيء محفور ومنقوش في ذاكرتهم الصغيرة.
كان الله في عونهم، فذاكرتهم تحمل مشاعر الخوف والقلق والحزن والصدمة، إنهم في حاجة للعون النفسي الذي يقيهم ويحميهم في مواجهة تلك المشاعر والانفعالات، فلنشجعهم على التحدث عن ما يخفون من مشاعر وأفكار ونوفر لهم ظروف الأمان والراحة والمرح مع الاسترخاء للتخفيف من توثرهم.
إن أطفال الحوز في حاجة للاحتكاك مع الوسط الاجتماعي قصد التعافي واكتساب القدرة على تخطي تبعات النكبة، وفي هذا الإطار وكعادتها فإن مجهودات مؤسسة محمد الخامس للتضامن تتجه نحو مواكبة أطفال الحوز ودعمهم نفسيا قصد التخفيف عنهم من الأثار السلبية للزلزال.
ولعل إطلاق صفة “مكفولي الأمة” التي منحها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، للأطفال المتضررين من زلزال الحوز كفيلة بحفظ كرامتهم ورعايتهم صحيا وضمان تمدرسهم وفتح آفاق مشرقة لمستقبلهم في مجتمع مغربي أعطى للعالم نموذجا راقيا في التعاون والتضامن.