أشتوكة: انتشار المتسولين في موسم “تعلات” يثير الانتباه واستغلال الأطفال في الواجهة

مجلة أصوات

في زقاق ضيق تعبق أجواؤه بعطر البخور وتتعالى فيه ترانيم الزوّار وهم يلهجون بالأدعية، توقف الحاج مصطفى فجأة. لم يكن ما شد انتباهه صوت الذكر الجماعي، ولا صياح بائع الأعشاب الذي يروّج لبضاعته بأعلى صوته، بل كان مشهد طفل لا يتجاوز الخامسة من عمره، يحتضنه رجل يُرجَّح أن يكون والده، يعرضه على المارة بنبرة حزينة توحي بالتصنّع، وهو يطلب المساعدة.

كان ذلك في موسم “تعلات” الديني، موسم تعلات، الذي يعد من بين المواسم الدينية بجهة سوس ماسة التي تستقطب الآلاف من الزوار من داخل المغرب وخارجه، والذين يتوافدون على المنطقة لحضور هذا الموسم المقام بجماعة تاسكدلت باقليم اشتوكة ايت باها ، وهو الذي يدشن موسم الزوايا الدينية والمدارس العتيقة في الجهة .

الذي لطالما اعتُبر من المواسم الروحية المميزة باقليم اشتوكة، لكن هذه السنة، طغت عليه ظاهرة أخرى: التسول. لم يعد بوسع الزائر أن يسير خطوات دون أن يُوقفه أحد المتسولين، أو يرى طفلاً أو شخصًا في وضعية إعاقة يُستغلّ لكسب عطف الناس. الصور التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وثّقت هذه الفوضى، خاصة في محيط المسجد والضريح، حيث تحوّل المكان إلى ما يشبه “سوقًا مفتوحة” للتسول.

أساليب المتسولين تنوعت، فبين من يستأجر أطفالاً، ومن يُحضر رضعًا في ظروف غير إنسانية، ومن يرافق كبار السنّ والمعاقين، بات المشهد أشبه بفيلم محزن يعكس واقعًا مؤلمًا يضرب في صميم القانون والكرامة.

رغم وضوح القوانين التي تُجرّم استغلال القاصرين في التسوّل وتعدّها جريمة تستوجب العقاب، فإنها لا تُطبّق بالصرامة المطلوبة، مما يطرح علامات استفهام حول دور الجهات المختصة. بعض الزوار أعربوا عن غضبهم من غياب الردع، مطالبين بتدخل عاجل يعيد لموسم “تعلات” قدسيته ويصون كرامة الأطفال.

وسط هذا الواقع، تبقى الدعوات ملحّة إلى حماية الطفولة وتطهير الأماكن الدينية من هذا “التشويه المنظم”، على أمل أن تُدقّ أبواب المسؤولين قبل أن يُصبح التسول العنوان الأبرز لكل موسم ديني.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.