كشف وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، عن “أرقام مقلقة” حول أعداد المتسولين الذين يجوبون شوارع المملكة، مشيرا إلى أنه في ظرف خمسة أشهر الأولى من السنة الجارية تسجيل 14 ألفا و324 قضية متعلقة بالتسول، جرى بموجبها إيقاف 15 ألفا و908 أشخاص.
وأكد لفتيت أن مصالح الوزارة تولي أهمية قصوى لمحاربة ظاهرة التسول، نظرا لانعكاساتها السلبية على الإحساس بالأمن لدى المواطنين الذين يتأذون من أنشطتها ومن السلوكيات العدوانية لبعض المتسولين، فضلا عن استغلال الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة في هذا النشاط وتشويه المنظر الجمالي للشارع العام بمختلف مدن المملكة.
وتفاقمت مؤخرا ظاهرة التسول بشكل كبير ومخيف، وأصبح الأمر مزعجا في الشوارع والطرقات وأمام المؤسسات والأبناك وفي ملتقيات الطرق وأضواء المرور، وأكدت المستشارة البرلمانية أن هذه الظاهرة، أصبحت تهدد السلامة الطرقية والأمن العام، في غياب أي علاج أو مقاربة أمنية، سيما والحديث يتزايد عن شبكات محترفة تغتني بالظاهرة.
وفي ظل تفاقم ظاهرة التسول، وخطورتها وتهديداتها للسكينة والأمن العمومي، دعت ممثلة نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمجلس المستشارين وزير الداخلية، إلى الكشف عن خطة الحكومة، لمواجهة هذه الظاهرة، بتكامل مع المعالجة الاجتماعية التي ينبغي أن تضل الأهم والأولى.
واستعرض وزير الداخلية في معرض جوابه عن سؤال كتابي تقدمت به المستشارة البرلمانية لبنى علوي، عن حصيلة الحملات التي قامت بها المصالح الأمنية بالتنسيق مع السلطات المحلية، لمواجهة ظاهرة التسول، تم خلال الفترة من فاتح يناير إلى 31 ماي 2023 تسجيل 14 ألفا و324 قضية متعلقة بالتسول، جرى بموجبها إيقاف 15 ألفا و908 أشخاص.
وتابع الوزير أنه “إلى جانب المقاربة الزجرية في التعاطي مع هذه الظاهرة، فإن كثيرا من الحالات، خاصة المتعلقة بالأطفال، تتم معالجتها وفق مقاربة اجتماعية بتنسيق مع النيابة العامة والقطاعات الحكومية المحلية والمصالح المكلفة بالرعاية الاجتماعية”.
وأوضح لفتيت أنه “وعيا منها بخطورة هذه الظاهرة، تعمد المصالح الأمنية بتنسيق مع السلطات المحلية إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات، منها تكثيف العمليات الأمنية في الأماكن التي تعرف انتشار وتفاقم هذه الظواهر المخلة بالأمن والنظام العامين، خاصة في المحطات الطرقية والسككية ومحيط المساجد والمقاهي والمحلات العمومية والأضرحة والزوايا”.
كما تركز هذه التدخلات، يضيف لفتيت، على المواسم والمناسبات الدينية، وخاصة في شهر رمضان المبارك والأعياد الدينية، مؤكدا أن المصالح الأمنية تستخدم في محاربتها لهذه الظاهرة، جميع الوسائل المتاحة من موارد مادية وبشرية، بالإضافة إلى توفير التغطية الميدانية بالكاميرات، وكذا عن طريق الرصد المباشر والتدخل الفوري في إطار عمليات أمنية متواصلة.
كما تعمل مصالح الوزارة، يورد لفتيت، على تحسيس العناصر الأمنية بخصوص الطابع المتشعب لهذه الظاهرة، التي يتقاطع فيها الجانب الإصلاحي المتعلق بالأحداث والأطفال الموجودين في وضعية صعبة، كذا الجانب الزجري الخاص باستخدام الأطفال في التسول أو في أفعال منحرفة أخرى أو استجداء الإحسان مع استعمال العنف أو التهديد.
ودفع تنامي ظاهرة التَّسول بالفضاء العام، بعدد من البرلمانيين لتنبيه الحكومة إلى الأبعاد الخطيرة، بل والإجرامية، التي باتت تشكلها هذه الظاهرة، حين يتعلق بامتهان التسول وتنظيم شبكاتٍ مُنَظَّــمَةٍ تتخصص باستغلال الأطفال في ذلك”
وقال رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إن الفضاءُ العام، “يشهد استمراراً، ورُبَّمَا تزايُداً وتفاقُمًا، لظاهرة التَّــسَوُّل، خاصة بعد الجائحة، سواءٌ في القرى أو المُدن”، مضيفا “وهو الأمر الذي يُسيئ كثيراً إلى صورة تجمعاتنا السكانية، عبر التراب الوطني، وإلى المجهودات التي تبذلها بلادُنا على الصعيدَيْنِ الاقتصادي والاجتماعي”.
واعتبر حموني، ضمن سؤال كتابي، وجهه إلى وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار أنه “إذا كان للظاهرة أسبابٌ موضوعية وقاهرة تتعلق بالفقر والهشاشة وضيق ذات اليد وضُــعف الحماية الاجتماعية ونقص دور الرعاية، لا سيما بالنسبة للمسنين والمُسِنَّات، وللأشخاص في وضعية إعاقة، فإن الموضوع يَـــتَّخِذُ أبعاداً خطيرةً، بل وإجرامية، حين يتعلق بامتهان التسول وتنظيم شبكاتٍ مُنَظَّــمَةٍ تتخصص باستغلال الأطفال في ذلك”.
من جانبه، نبه فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، إلى تفشي ظاهرة التسول وخاصة لدى الأطفال والكبار في مختلف شوارع المملكة، واعتبر أن هذه الظاهرة “تسيء لصورتنا كدولة”، وأن مؤسسة التعاون الوطني مطالبة بالانخرط أكثر فعالية للحد من هذه الآفة بشراكة وبتنسيق مع كافة المتدخلين في مجال محاربة التسول.
وسجل فريق “لحمامة” أنه الرغم من قدم هذه “المهنة””التي لا يكاد بلد في العالم يخلو منها، بمستويات متباينة، فإنها اتخذت بالمغرب “طرقا تدليسية” واحتيالية متنوعة، ومتطورة، يتوخى من خلالها المتسولون كسب المزيد من الأموال، فمنهم من يستدر عطف المارة بادعاء الاصابة بعاهة مستديمة، ومن ينتحل هوية مواطن أجنبي تقطعت به السبل، ومن يستغل الأطفال في التسول بهم، بل هناك ميسورون وجدوا في هذه المهنة ضالتهم من أجل الاغتناء مستغلين عطف وسذاجة المتصدقين.
يشار إلى أن وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، أطلقت بتعاون مع رئاسة النيابة العامة والقطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية المعنية والجمعيات في نهاية سنة 2019 وبداية 2020، خطة عمل حماية الأطفال من الاستغلال في التسول، بغية وضع منظومة متكاملة لحماية الأطفال من الاستغلال في التسول، تشمل الحماية القضائية والتكفل الطبي والنفسي والرعاية الاجتماعية وإعادة الإدماج في مؤسسات التربية والتكوين.
وقد مكنت هذه الخطة، في تجربة نموذجية شملت مدن الرباط وسلا وتمارة، من سحب حوالي 100 طفل من الاستغلال في التسول، وذلك إلى غاية بداية الحجر الصحي.