وتأتي التظاهرة الأخيرة في أعقاب رفض السلطات المحلية تلبية مطالب المتظاهرين الذين ساروا بالملايين للاحتجاج على مشروع قانون يسمح بتسليم مطلوبين للصين.
وبعد حشدهم أكبر مسيرات سياسية في تاريخ هونغ كونغ يطالب المتظاهرون بسحب مشروع القانون واستقالة كاري لام.
لكن حركتهم تحولت إلى تعبير أكبر عن السخط الشعبي تجاه لام وقادة الأحزاب في بكين بعد سنوات من تراجع الحريات السياسية.
والجمعة استخدم المتظاهرون وغالبيتهم من الشبان الذين يتحركون دون قائد، العفوية والحراك لزيادة الضغط على السلطات، ونفذوا عصيان مدنيا سلميا.
وبعد التقاطر على المجمع الحكومي الرئيسي في هونغ كونغ قبل ساعة الذروة، قام المئات من المتظاهرين بلباسهم الأسود والعديد منهم يغطون وجهوهم بكمامات بإطلاق شعارات منددة بالحكومة — ما أدى إلى إغلاق شارع رئيسي مؤقتا.
وتحدوا درجات الحرارة المرتفعة وساروا إلى مقر الشرطة مطلقين هتافات مثل “اطلقوا سراح الصالحين” و”العار على بلطجيي الشرطة”، في إشارة إلى المتظاهرين الذي تم توقيفهم خلال أعمال عنف اندلعت الأسبوع الماضي بين المتظاهرين والشرطة.
– تحرك بسلاسة –
يطالب المتظاهرون بفتح تحقيق في اتهامات للشرطة بممارسة العنف ضد المحتجين، إضافة إلى استقالة لام وسحب مشروع قانون تسليم المطلوبين.
وقالت منظمة العفو الدولية إنها تأكدت من عدة حالات لممارسة الشرطة العنف، انتهكت القوانين والمعايير الدولية لاستخدام القوة.
وأزال بعض المتظاهرين حواجز معدنية وقاموا بصفها بشكل تحصينات لمواقعهم أمام مقر الشرطة، فيما قام مسؤولو الشرطة بإغلاق البوابة المؤدية إلى الممر الرئيسي للمقر.
وامتنعت الشرطة عن الرد. وقال مسؤول للصحافيين إن فريقا تفاوضيا سيتم إرساله للتحدث مع المتظاهرين.
وفي تحرك منفصل قامت مجموعة أصغر من المتظاهرين بإغلاق المداخل المؤدية إلى دوائر الهجرة والضرائب المجاورة.
وقال أحد المتظاهرين ويدعى كريس “يجب أن نتحرك بسلاسة كالماء”.
وشبه متظاهر آخر الحشود بالذكاء الاصطناعي. وقال برنارد (21 عاما) “يتعلمون من أنفسهم، لا أحد يعلمهم، يتكيفون فحسب مع مختلف الأوضاع”.
– انتشروا في كل مكان –
أطلق الدعوة لتظاهرة الجمعة اتحاد الطلاب ومنظمون على وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات رسائل نصية مثل تلغرام.
وجاء في بيان انتشر على تطبيق تلغرام الخميس “انتشروا في كل مكان”.
وأضاف “هناك وسائل عديدة للمشاركة. فكروا مليا في وسائلكم الشخصية للتعبير عن حبكم لهونغ كونغ. 21 حزيران/يونيو ليس نهاية النضال، سيكون هناك المزيد في الأيام القادمة”.
ورفضت لام التنحي حتى الآن، وفيما قدمت اعتذارها وأعلنت تعليق دراسة مشروع القانون لم يهدئ ذلك من الغضب.
ورغم إعادة هونغ كونغ من بريطانيا إلى الحكم الصيني في 1997، لا تزال تخضع لإدارة منفصلة بموجب اتفاقية “بلد ونظامان”.
وتتمتع المدينة بحريات غير موجودة في البر الصيني لكن المواطنين في السنوات الأخيرة يشعرون بالقلق إزاء ما يعتبرونه تدخلا متزايدا للصين في شؤونهم الداخلية.
ويخشى المتظاهرون من أن يتسبب مشروع قانون تسليم المطلوبين بوقوع أهالي هونغ كونغ في شرك النظام القضائي السياسي غير الشفاف في الصين، وأن يمنح بكين أداة لاستهداف منتقدين في المنطقة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي.
وأيدت الحكومة الصينية مشروع القانون، واتهمت منظمي التظاهرات بالتواطؤ مع حكومات غربية.
في تطور منفصل الجمعة، مُنع وزير خارجية الفيليبين السابق البرت ديل روزاريو الذي ينتقد بكين باستمرار خصوصا بسبب مطالبها في بحر الصين الجنوبي، من دخول هونغ كونغ الجمعة وأعيد إلى بلده، كما أعلنت محاميته.
وقالت المحامية آن ماري كوروميناس لوكالة فرانس برس إن ديل روزاريو “منع من الدخول وتم إبعاده”.
ولم ترد سلطات الهجرة في هونغ على اتصال من وكالة فرانس برس طلبا للتعليق على الأنباء.