تبنى الأوطــــان بالسواعد الأميـنـة والعقول الراقية والقلوب الصافية التي تحتــرق كالشموع من أجل إنــارة شوارع المجد ودروب الرقــي والازدهــار.. تبنى الأوطـــان بالأقلام الجريئــة التي تصمد ولاتنحنــي أبدا، وترفــع لبناتهـا بالفن الراقي والإبــداع والجمال، وتتــأسس قواعدها بالأقــــدام المكافحة والمتحديــة لكل مطبات الهشاشــة، من أجل أن ترســم صـورة مشرقـة لوطن بين لوحـات الأوطــان .. وطن أنجب عبر تاريخه المشرق، أبنــاء كافحوا وناضلوا وتحدوا الصعــاب، متحوزين بأسلحة التضحيــة والحب والوفــاء ونكـران الــذات، بعضهــم خرج من رحـم المعانــاة، فلعب وأبـــدع وتألـق، ونقــش في المضمــار، حكايات جميلــة، جعلت للوطــن “موضـــع قدم” ضمن الأوطــان والأمم الكبـــرى ..
الأسطورة “سعيد عويطة” واحدا ممن صنعـوا مجـد هذا الوطن، ولا يمكن النبش في حفريات تاريخ ألعاب القـــوى الوطنية، دون التوقف عند حقبة الثمانينيــات من القرن الماضي، في حقبة مشرقــة بدت وقتها كفلتــة من فلتات الزمن الرياضي، لما كان “سعيد” يستأسـد في الحلبات عبر العالم، ويبنـي بخطوات ثابتة مجدا من أمجــاد “النبوغ المغربي” في بعــده الرياضي، ويمكن المجازفة في القــول ” لولا سعيد عويطة، لما ذكرت أو تألقت ألعاب القــــوى المغربية”، وبفضله وبفضل العداءة “نوال المتوكل” التي تقاسمت معه -وقتها- جزءا من المجد، سار “المضمـار” معبدا أمام عدد من العدائين اللاحقيــن الذين ساروا على الدرب، وحملوا -كل حسب قدراته- مشعل النجاح والتميز، من أمثال” صلاح حيسو” و”خالد السكاح” و”نزهة بيدوان” و”هشام الكروج ” و”عبدالعاطي إكيدير “، والقائمة طويلة، ولايسمح المقال باستعراض كل الأسماء، التي تشكل قلادة ألعاب القــوى الوطنية ..
مناسبة هذا المقـال، ليس من أجل التذكير بقيمة “سعيد عويطة”، لأن التاريخ الرياضي يتحدث عنه، بل ســار نفســه جزءا لا يتجــزأ من هذا التاريــخ، لما راكمه من إنجازات، ولكن على خلفيــــة ما راج مؤخرا من أخبار ومقاطع فيديو تناقلتها بعــض المواقع الإلكترونية، بخـصوص مشاكل عائلية بين سعيد ووالـده، وهنا لامناص من الإشارة، إلى أن بعض “المواقع” التي تقتات على “البــوز” وتحيــى بالنبش في حفريــات مشاكل وهموم النــاس، بحثــا عن الرفع من نسب المتابعة والمشاهدة، تقـــــوم بقصد أو دون قصـد، بالتطاول على الحيـــــاة الخاصة للأشخاص، ولاتجد حرجا في النبش والحفر من أجل التمادي في انتهاك الخصوصية من أجل صناعة “البــوز”، دون تقدير تداعيــات “الحماسة” الإعلامية “المبالغ فيها” أحيانا، على حيــاة الأشخاص المعنيين وعلاقاتهم الشخصية أو المهنيــة، خصوصا إذا كانوا نجوما أو شخصيات عموميـة ..
وهي فرصـة للإشـارة إلى تصريح صحفي، يظهر رجلا متقدما في السن، قدم باعتباره والد “سعيد”، وقد التف حوله مجموعة من الصحفيين من منابر إعلامية مختلفــة، في صــورة بدت كشخصية عمومية تتأهب من أجل تقديم ندوة صحفية، أو ناخب وطني بصـدد، عرض مستجدات المنتخب الوطني، الرجل كان مرتبكا أمام فضول الصحفيين الذين كانوا يبحثون عما جرى وكيــف جرى ؟ دون اكتراث لتداعيات ذلك على طرفي أو أطراف النــزاع العائلي، الذي يبقى في جميع الحالات “نزاعا” أو “مشكلا” عائليا، لايمكن حله إلا داخل العائلة، بعيدا عن فضول الإعلام، وما أثار الانتبــــاه، هو أن الوالد نفسـه، لم يكن-حسب تصريحه- يعلم بهذا اللقاء الصحفي، ويجهل من سعى إلى انعقـاده وسط حشد من الصحفيين ..
وفي جميع الحالات، لايمكن الخوض في تفاصيل المشكل القائم بين طرفي النزاع، أو ظروف وملابســات، إقحام “الوالد” في ندوة صحفيــة ميزها حضور ملفت لعدد من الصحفيين، بعدما عقد “سعيد ” من جهته، نــدوة صحفية بحضور والدته وبعض أشقائــه، تم الرد من خلالها على ما صدر عن الوالد من تصريحات، وهي فرصة سانحة للتذكير، أن “سعيد عويطة” هو إنسان قبل أن يكون نجما، وما وقـــع له، هو أمر عادي جدا، لايمكن التهويل منه أو إعطائه أكثر ما يستحق، وهو يقـــع في جميع الأسر مهما كانت درجة تجانسها وانسجامها، وبعـــض المنابر الإعلامية، لابد أن تلتزم بأخلاقيات المهنة الصحفية، وبحدود ما يسمح به العمل الصحفي ، وأن تضـــع نصب أعينها “الحياة الخاصة” قبل الجري وراء نزاع عائلي من أجل صناعة “البــــوز” ، ومهما قيل أو يقــال، فالبطل”سعيد عويطــة” يبقى أيقونة ألعاب القوى المغربيـــة، وبقدميه وقــع” أسطورة نجاح” ولدت من رحــم المعانـــاة .. دمت كبيرا يا “سعيد” وستبقى كبيــرا، عسى أن تشرق عليك وعلى أسرتك، شمس”الصلح” و”السكينة”، والوطن بك وبأمثالك يحيــى مهما امتدت أيــادي العبــث …