دراما رمضان المغربية: بين الإبداع والانتقاد
بقلم الأستاذ محمد عيدني
يشهد شهر رمضان المبارك في المغرب، كغيره من الدول العربية، ازدهاراً ملحوظاً في إنتاج الأعمال الدرامية والترفيهية. وتُعتبر هذه الأعمال جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الشعبية، حيث تجذب ملايين المشاهدين وتُشكل مساحةً حيوية للتعبير الفني، وحتى للتأثير الاجتماعي. لكن، مع هذا الانتشار الواسع، تظل جودة هذه الأعمال محل نقاشٍ مستمر، مُثيرًا جدلاً حول المعايير الفنية، والمسؤولية الاجتماعية للإعلام، وحتى دور الدولة في تنظيم هذا القطاع.
تُثير العديد من المسلسلات المغربية جدلاً واسعاً حول محتواها، فبين من يرى فيها انعكاساً صادقاً للمجتمع المغربي بواقعيته وتناقضاته، ومن ينتقدها لإغراقها في المسائل السطحية، أو استخدامها لـ “الخلطات” الجاهزة من الدراما العربية، دون إضافة لمسةٍ إبداعيةٍ مغربية أصيلة. وفي هذا السياق، نجد أن البعض يشدد على أهمية الالتزام بالمعايير الفنية العالية، والابتعاد عن الاستسهال والمبالغة في الاستخدام لـ “الكوميديا السطحية” أو “المشاعر المصطنعة”.
من أبرز نقاط الانتقاد التي تُوجه للدراما الرمضانية المغربية هي قلة الابتكار في المواضيع المعروضة. فكثيراً ما نلاحظ تكراراً للمواضيع المستهلكة، كالخلافات العائلية، والمشاكل الاجتماعية المعروفة، دون الخوض في قضايا جديدة أو مناقشة قيم ومشكلات مستجدة في المجتمع المغربي المعاصر. هذا الجانب يُثير سؤالاً حول قدرة الصناع الدراميين على التعامل مع التغيرات الاجتماعية والثقافية السريعة التي يشهدها المغرب، وإثراء الحوار العام بأفكار جديدة وطرح حلول إبداعية.
إضافةً إلى ذلك، تُنتقد بعض الأعمال لعدم التزامها بالمعايير الأخلاقية، أو لإساءتها إلى بعض المكونات المجتمعية أو القيم الثقافية. وهنا يُطرح سؤال حول دور الرقابة في ضمان جودة المحتوى المُقدم، وحماية المشاهد من التأثيرات السلبية المحتملة. فالمسؤولية لا تقع فقط على عاتق الصناع الدراميين، بل تُشمل أيضاً السلطات المعنية التي يجب أن تضع إطاراً تشريعياً صارماً يُحافظ على المستوى الفني والأخلاقي للإنتاجات الدرامية. فالقانون رقم 17-07 المتعلق بالاتصال السمعي البصري، على سبيل المثال، يُعطي للحكومة صلاحيات واضحة في تنظيم هذا القطاع، لكن يُحتاج إلى تفعيل أكثر فعالية.
في الختام، تُشكل الدراما الرمضانية المغربية ظاهرةً ثقافيةً مُهمةً تستحق التحليل والمتابعة. فبين الإبداع والمحاولات الجديدة وبين الانتقادات الموجهة لها، يبقى أمرٌ واضح: يجب السعي لرفع مستوى هذه الأعمال وتطويرها لتخدم المجتمع بشكل أكثر فعالية، مع الاهتمام بالجوانب الفنية والأخلاقية على حدٍ سواء. إن المسؤولية تقع على جميع الأطراف المعنية لخلق بيئة مناسبة تُحفز الإبداع والابتكار، وتُثري الحياة الثقافية المغربية