النقابة الوطنية للتعليم العالي تدق ناقوس الخطر وتعري خروقات مسجلة برئاسة الجامعة بفاس

“الجزء الأول”

 

عقد المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي، فرع كلية الشريعة، بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، بفاس ندوة صحافية للوقوف حول مجموعة من الخروقات المسجلة في مجال التدبير بشكل عام، من قبل رئاسةالجامعة وعمادة كلية الشريعة.

 

اللقاء الذي عقد في فضاء “حدائق سايس”، يوم الثلاثاء، جاء في إطار محور “هناك مسؤولية، هناك محاسبة”، المنظم على هامش الملتقى الذي تنظمه “مجموعة أصوات ميديا” بفاس.

 

وخلال هذا اللقاء قارب المتدخلون، الذين يمثلون كلا من المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي – فرع كلية الشريعة، بفاس، و مختبر الشريعة و القانون و المجتمع، وممثلين عن مختبر العلوم الشرعية و القانونية و قضايا العصر/ التأصيل و التنزيل، في جو من الصراحة والوضوح، و من خلال مقاربة شفافة لامست كافة أركان التدبير بالجامعة و الكلية، و عارضة بالدليل القطعي أشكال الخروقات المسجلة في هذا الباب، على كافة الأصعدة، وفشل كل المحاولات لردع هاته السلوكات الشاذة التي قتلت الأجهزة المسؤولة، و ضربت عرض الحائط بالقانون المنظم لعمل المؤسسات و الهياكل و القانون التنظيمي لعمل هاته المؤسسات و التنظيمات، كل ذلك في إطار تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة كمبدأ دستوري ركز عليه دستور 2011.

 

و هكذا و في سياق حديث صحافي صريح وشفاف كاشف لحقائق التدبير البيداغوجي و التربوي و المالي و الأكاديمي الذي تعيش تحت وطأته جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، على صعيد رئاسة الجامعة و كلية الشريعة، و هو اللقاء الذي حضره بعض أعضاء المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي، فرع كلية الشريعة بفاس، ممثلين بكل من الكاتب المحلي للنقابة، الأستاذ “الحسين العمريش”، والأستاذ “محمد غزيول” نائب الكاتب المحلي، والذي يشغل أيضا مهمة نائب مدير مختبر العلوم الشرعية و القانونية و قضايا العصر/ التأصيل و التنزيل، والدكتورة “حكيمة الحطري” أمينة المال، وأيضا مديرة مختبر الشريعة والقانون والمجتمع، والأستاذ “عبد المجيد الكتاني” نائب أمينة المال، والأستاذة “بذر البذور الرحالي”، المستشارة بالمكتب المحلي.

لقاء إعلامي هام، دار في جو من الانفتاح والصراحة والملامسة الواقعية لكافة القضايا المرتبطة بالعملية التعليمية والتعلمية والديداكتيكية ومشاكل التذبير الإداري والمالي داخل كلية الشريعة بفاس.

 

لقاء تطرق لمحورين أساسيين كبيرين، الأول يتعلق بدور نقابات التعليم بالمغرب؟ وعلاقتها بالأساتذة الجامعيين؟ و المحور الثاني غاص في مفهوم النقابة وارتباطها بمبدأ الرقابة والحكامة الجيدة، وتكافئ الفرص بين المواطنين؟ ومبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة عبر الوقوف على الخروقات المسجلة من قبل رئاسة الجامعة من جهة، و من طرف عمادة كلية الشريعة من جهة ثانية، من موقع حضور هؤلاء الأساتذة كفاعلين نقابيين، وكأكاديميين و تربويين من جهة أخرى.

 

ففيما يتعلق بالإطار القانوني لتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ أكد أعضاء المكتب النقابي، أنه و ارتباطا بالخطب الملكية التي حثت على ربط المسؤولية بالمحاسبة، و التنصيص الدستوري على هذا الربط، و الذي أكد عليه الفصل 1 من دستور 2011، المترجم للفلسفة المولوية السامية التي أكدت على ضرورة محاربة الرشوة والمحسوبية داخل المؤسسات، و عموما أكدت على ضرورة محاربة الفساد و بالقوة والصرامة الضروريتين، ومتابعة الفاسدين و المفسدين، و حماية المبلغين في قضايا الفساد، و إجمالا الضرب بقوة القانون على أيدي كل الذين يثبت تقصيرهم في أدائهم لمهامهم، أو يستغلون نفوذهم لتحقيق أهداف براغماتية لا علاقة لها بالأهداف التربوية و الأكاديمية و البحث العلمي.

 

وقد عرج المتدخلون على الضوابط القانونية المنظمة للنقابة الوطنية للتعليم العالي كإطار وطني، تقدمي، ديمقراطي ومستقل، والتي رسم معالم توجهاتها العامة و أهدافها السامية القانون الأساسي للنقابة، خاصة المواد 2 و 3 منه والتي حددت الأسس والأهداف من التأسيس، والتي نصت على أن النقابة الوطنية للتعليم العالي منظمة وطنية، تقدمية، ديمقراطية ومستقلة، تعمل في استقلال تام عن كافة التنظيمات السياسية و العرقية و المذهبية …، وفي نفس الوقت منفتحة على كافة الفعاليات، وأيضا المواد التي أسست لاستراتيجية عمل النقابة والمتمثلة في الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية للأساتذة والباحثين وتحقيق الوحدة النقابية، والتي تؤكد أيضا على ضرورة اعتماد الديمقراطية الداخلية كأسلوب للتعامل، و ترسيخ قيم التضامن بين الجميع، و ضمان حرية التعبير و النقاش، والدفاع عن مصالح الأساتذة و الباحثين، مع ضرورة دمقرطة هياكل البحث العلمي، وإصلاح التعليم العالي، تشجيع البحث العلمي والرفع من مستواه، وتحقيق الأهداف المشتركة، والتقدم الاجتماعي…

 

إذن فالنقابة الوطنية للتعليم العالي من خلال هاته الأهداف دورا اجتماعيا، ولكنها أيضا، بل أكثر، تلعب دورا رقابيا، وتحث، بل تدافع وبشراسة على تطبيق النصوص القانونية، خدمة لجميع المرتفقين، في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، على اعتبار أن النقابة شريك اجتماعي هام.

 

فمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، الذي نص عليه الدستور المغربي، هو مبدأ عام ملزم للجميع، على اعتبار أن كل مسؤول يجب أن تتبع حتما ممارسته لمهامه محاسبة، ليستقيم ميزان العمل و تسير المؤسسات وفق أسس قانونية، لا وفق الأهواء أو البراغماتية.  

 

تفجرت فضيحة هزت أركان الجامعة المغربية، و المجتمع، والتي عرفت ب”الجنس مقابل النقط” لكن إن تلمسنا هذا السلوك على الرغم من إدانتنا كأفراد و كإطار له، هو سلوك مرضي شاد، لكن ما يدور بين أركان أسوار الجامعة هو أخطر من الجنس مقابل النقط، لأنه يستهدف جميع الأركان و يقتل البنية التربوية و يؤسس للفساد المؤسساتي ليقتل في المحصلة البحث العلمي، حينما تصبح الدبلومات المسلمة خاضعة لمنطق مخدوم لا علاقة له بالأسس التربوية و لا الأكاديمية التي تنقل البحث العلمي من المزابل إلى التأسيس العلمي، اعتبارا لمنطق الكفاءة لا أي منطق آخر.

 

فالمحاسبة القانونية تبقى أساسية لبناء المستقبل الجميل الذي يمنح الحياة للأجيال القادمة و للمؤسسات لتصبح قادرة، وهي الفلسفة التي غرسها دستور سنة 2011، والذي نص فصله الأول على : “نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية.  يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة”.

 

وهو ما أكد عليه المتدخلون، بل و ألحوا على ضرورة تفعيل هذا المبدأ الدستوري، بناء لدولة الحقوق والمؤسسات، والدفع في إطار تعميق الدور الرقابي لكافة التنظيمات ذات الصلة بالمجتمع، من إطارات مجتمعية، وضمنها النقابات، والقضاء و المجالس المحاسباتية الجهوية و الوطنية، بما يضمن ويوسع الرقابة، لتصبح تلك المؤسسات مواطنة تخدم مصالح المواطنين و الوطن و بالبناء الصحي للمستقبل، وجعل كل خيرات و إمكانات الأمة في خدمة الجميع، تحقيقا للرفاه الجماعي قبل الفردي، و المدخل هو محاربة كل أشكال الفساد، والبداية تنطلق من جعل المحاسبة قاعدة أساسية في التدبير المؤسساتي، عبر ردع المخالفين، والضرب على أيديهم بالقانون و بسطوة القانون الذي يعد عماد بناء المستقبل، وضمان الاستقرار و الأمن المجتمعي، و ترسيخ العدالة المجتمعية.

 

و البوابة لتحقيق تلك الرغبات الدستورية هو جعل أولا الإرادة الملكية التي ما فتئت تلح وتتحدث عن تخليق الحياة العامة، وتحقيق مبدأ تساوي الفرص بين الجميع، وجعل المعيار الفصل والديدن هو الكفاءة وليس أي معيار آخر، و جعل كل المؤسسات مواطنة، بما يحول مهامها من الرقابة الشكلية إلى الرقابة الفعلية التي لا تخشى في تطبيق القانون وتنزيل نصوص الدستور لومة لائم.

 

وهو موضوع اجتماعنا في هاته الرحلة الوطنية لمقاربة شكل تعامل رئاسة جامعة سيدي محمد بن عبد الله، و كلية الشريعة، في سياق ترسيخ الأسس الدستورية، و القانونية و التي لا نراها، حيث المؤسسات معطلة لفائدة رئاسة، و القوانين التنظيمية مسخرة لخدمة قرارات رئاسة البراغماتية و التي سنأتي عليها بالتفصل في الأجزاء القادمة، لأن المشاكل فتحت لكي لا تتوقف لتوسع أشكال الفساد المرصودة و التي عيناها و نتوفر على مستندات إدانة و تصحيح خدمة للجامعة و للبحث الأكاديمي و العلمي في إطار العدالة في التقرير و التنفيذ و التنزيل، تطبيقا للتوجيهات المولوية السامية التي أكد علها جلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده في مختلف خطبه وتوجيهاته الحكيمة،

 

و هو ما لا نلمسه في هاته البقعة من المملكة التي يحكمها دستور المملكة و التي تتعالى حتى على الرد على الشكايات و المراسلات المعرية للخروقات التي تتجاوز “الجنس مقابل النقط”، لأن هاته سلوك فردي من الممكن أن يقوم، لكن ما نتحدث عنه أخطر لأنه يهدف ركائز دولة و قوام مجتمع ويبذر ثروات هامة

 

وهو ما تعيشه الكلية منذ سنة 2012، لتصبح قاعدة شاذة ونشاز عن المشهد التعليمي والتربوي والتدبيري لأن الإشكال يكمن في عجز رئيس المؤسسة عن التدبير مما يجعله رهينة تدبير أناس بعيدين عن موقع المسؤولية، يدبرون جميع أركانها المادية والبيداغوجية.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.